الانتقال الى المحتويات

الانتقال إلى المحتويات

متى دمِّرت اورشليم القديمة؟‏ الجزء الاول

متى دمِّرت اورشليم القديمة؟‏ الجزء الاول

متى دمِّرت اورشليم القديمة؟‏ الجزء الاول

اهمية تحديد التاريخ الصحيح —‏ ما تُظهره الادلة

هذه اولى مقالتين في عددين متتاليين من ‏«برج المراقبة» تناقشان اسئلة تتطلب بحثا اكاديميا عن تاريخ دمار اورشليم القديمة.‏ وتقدِّم هذه السلسلة بجزئيها اجوبة موثَّقة ببحث شامل ومبنية على الكتاب المقدس عن اسئلة توقع بعض القراء في حيرة.‏

‏«يوافق علماء الآثار والمؤرخون عموما ان دمار اورشليم حصل سنة ٥٨٦ او ٥٨٧ ق‌م.‏ * فلمَ يقول شهود يهوه انه حدث عام ٦٠٧ ق‌م؟‏ على اي اساس حددتم هذا التاريخ؟‏».‏

وردنا هذا الاستفسار في رسالة من احد القراء.‏ ولكن لمَ يهمنا التاريخ الصحيح الذي دمَّر فيه الملك البابلي نبوخذنصر الثاني (‏نبوخذراصر)‏ مدينة اورشليم؟‏ اولا،‏ لأن هذا الحدث شكَّل منعطفا هاما في تاريخ شعب الله.‏ قال مؤرخ عن هذه الواقعة انها آلت الى «نكبة ما بعدها نكبة».‏ لقد كان هذا التاريخ نقطة زوال الهيكل الذي كان معقل عبادة الله القادر على كل شيء لأكثر من ٤٠٠ عام.‏ لذا عبَّر كاتب احد المزامير في الكتاب المقدس عن لوعته قائلا:‏ «يا الله .‏ .‏ .‏ نجسوا هيكلك المقدس.‏ جعلوا اورشليم انقاضا».‏ —‏ مزمور ٧٩:‏١‏،‏ الترجمة العربية الجديدة ‏(‏جد‏)‏.‏ *

ثانيا،‏ لأن معرفتك السنة الصحيحة التي بدأت فيها هذه ‹النكبة›،‏ وفهمك كيف تمَّم ردُّ العبادة الحقة الى اورشليم نبوةً دقيقة من نبوات الكتاب المقدس سيوطِّدان ثقتك بمصداقية كلمة الله.‏ فلنعد الآن الى سؤال قارئنا:‏ لماذا يتمسك شهود يهوه بتاريخ يفصل بينه وبين التاريخ المتعارف عليه ٢٠ سنة؟‏ الجواب باختصار هو الادلة الموجودة في الكتاب المقدس نفسه.‏

على مَن تنطبق ‹السبعون سنة›؟‏

قبل دمار اورشليم بأعوام،‏ اعطى النبي ارميا معلومة اساسية ترشدنا الى الاطار الزمني الذي يحدده الكتاب المقدس لهذه الحادثة.‏ فقد حذر «كل سكان اورشليم» قائلا:‏ «تصير كل هذه الارض خرابا ودهشا وتخدم هذه الشعوب ملك بابل سبعين سنة».‏ (‏ارميا ٢٥:‏١،‏ ٢،‏ ١١‏،‏ الترجمة البروتستانتية ‏[‏ع‌أ‏])‏ ثم اضاف لاحقا:‏ «هكذا قال يهوه:‏ ‹عند تمام سبعين سنة في بابل افتقدكم،‏ وأقيم لكم كلمتي الصالحة بردّكم الى هذا المكان›».‏ (‏ارميا ٢٩:‏١٠‏)‏ فإلامَ اشارت هذه ‹السبعون سنة›؟‏ وكيف تساعدنا على تعيين تاريخ دمار اورشليم؟‏

تتحدث ترجمات عديدة عن تمام سبعين سنة «لبابل»،‏ وليس «في بابل».‏ (‏ع‌أ‏)‏ لذا يدعي بعض المؤرخين ان فترة السبعين سنة تنطبق على الامبراطورية البابلية.‏ فالتواريخ العلمانية تُظهر ان البابليين بسطوا سيطرتهم على ارض يهوذا وأورشليم القديمة حوالي ٧٠ سنة:‏ من ٦٠٩ ق‌م تقريبا الى ٥٣٩ ق‌م،‏ سنة سقوط العاصمة بابل.‏

لكن الكتاب المقدس يوضح ان السبعين سنة كانت فترة عقاب قاسٍ من الله انزله تحديدا بشعب يهوذا وأورشليم الذين قطعوا عهدا معه يقضي بإطاعته.‏ (‏خروج ١٩:‏٣-‏٦‏)‏ فعندما أبوا الرجوع عن طرقهم الرديئة،‏ قال الله لهم:‏ «هأنذا ارسل .‏ .‏ .‏ الى نبوخذراصر عبدي ملك بابل وآتي [به] على هذه الارض وعلى كل سكانها وعلى كل هذه الشعوب حواليها».‏ (‏ارميا ٢٥:‏٤،‏ ٥،‏ ٨،‏ ٩‏،‏ ع‌أ‏)‏ ومع ان الامم المجاورة كانت ستنال نصيبها من سخط بابل،‏ دعا ارميا دمار اورشليم وما تلاه من سبي مدة ٧٠ سنة «عقاب بنت شعبي» لأن اورشليم ‹خطئت كثيرا›.‏ —‏ المراثي ١:‏٨؛‏ ٣:‏٤٢؛‏ ٤:‏٦‏،‏ جد.‏

اذًا حسبما يقول الكتاب المقدس،‏ كانت السبعون سنة جزاء مريرا حلّ بيهوذا،‏ وقد استخدم الله البابليين اداة لتنفيذ هذا التأديب الصارم.‏ الّا ان الله قال لليهود:‏ «عندما تتمّ لكم سبعون سنة .‏ .‏ .‏ أعيدكم الى هذا الموضع»،‏ اي الى ارض يهوذا وأورشليم.‏ —‏ ارميا ٢٩:‏١٠‏،‏ جد.‏

متى بدأت ‹السبعون سنة›؟‏

عاش المؤرخ الملهم عزرا بعد تمام السبعين سنة المذكورة في نبوة ارميا.‏ وقد كتب عن الملك نبوخذنصر:‏ «سبى الذين بقوا من السيف الى بابل فكانوا له ولبنيه عبيدا الى ان ملكت مملكة فارس لإكمال كلام الرب بفم ارميا حتى استوفت الارض سبوتها لأنها سبتت في كل ايام خرابها لإكمال سبعين سنة».‏ —‏ ٢ اخبار الايام ٣٦:‏٢٠،‏ ٢١‏،‏ ع‌أ.‏

وهكذا كانت السبعون سنة فترة تستوفي فيها ارض يهوذا وأورشليم «سبوتها»،‏ اي تُترك بورا،‏ فلا تُزرع الحقول ولا تُقضَب الكروم.‏ (‏لاويين ٢٥:‏١-‏٥‏،‏ ع‌أ‏)‏ فبسبب عصيان شعب الله وخطاياهم التي ربما شملت عدم حفظ سني السبت بصورة دائمة،‏ كان العقاب ان تبقى الارض ٧٠ سنة قفرا موحشا دون فلاحة وزرع.‏ —‏ لاويين ٢٦:‏٢٧،‏ ٣٢-‏٣٥،‏ ٤٢،‏ ٤٣‏.‏

ومتى اصبحت ارض يهوذا بورا وقفرا موحشا؟‏ لقد هاجم البابليون اورشليم بقيادة نبوخذنصر مرتين،‏ بينهما ١٠ سنوات تقريبا.‏ فمتى بدأت السبعون سنة؟‏ قطعا ليس بعد الحصار الاول الذي ضربه البابليون على اورشليم.‏ ولمَ لا؟‏ لأن نبوخذنصر في تلك المرة ترك اناسا في الارض،‏ رغم اسره كثيرين من اورشليم الى بابل.‏ كما ان المدينة نفسها بقيت قائمة.‏ فلسنوات عدة بعد هذا الجلاء الاول،‏ كان الباقون في يهوذا،‏ «مساكين شعب الارض»،‏ يعيشون من ارضهم.‏ (‏٢ ملوك ٢٤:‏٨-‏١٧‏)‏ لكن الامور ما لبثت ان تغيرت تغيرا جذريا.‏

فقد اندلعت ثورة يهودية حدت بالبابليين الى الرجوع الى اورشليم.‏ (‏٢ ملوك ٢٤:‏٢٠؛‏ ٢٥:‏٨-‏١٠‏)‏ فدمَّروا المدينة،‏ بما فيها هيكلها المقدس،‏ وسبوا كثيرين من سكانها الى بابل.‏ وفي غضون شهرين،‏ «قام الشعب [الباقون في ارض يهوذا]،‏ من الصغير الى الكبير،‏ وعلى رأسهم قادة الجيوش،‏ ورحلوا الى مصر خوفا من البابليين».‏ (‏٢ ملوك ٢٥:‏٢٥،‏ ٢٦‏،‏ جد‏)‏ اذّاك فقط،‏ في الشهر اليهودي السابع من تلك السنة،‏ اي شهر تِشري (‏ايلول/‏تشرين الاول [سبتمبر/‏اكتوبر])‏،‏ أمكن القول ان الارض —‏ التي اصبحت الآن خربة —‏ بدأت تستوفي سبوتها.‏ قال الله بفم ارميا للاجئين اليهود في مصر:‏ «قد رأيتم كل الشر الذي جلبته على اورشليم وعلى جميع مدن يهوذا،‏ وها هي اليوم خربة لا ساكن فيها».‏ (‏ارميا ٤٤:‏١،‏ ٢‏،‏ الترجمة اليسوعية الجديدة ‏[‏ي‌ج‏])‏ فمن الجلي ان هذا التطور شكَّل نقطة البداية لمدة السبعين سنة.‏ ولكن في اية سنة كان ذلك؟‏ للاجابة عن هذا السؤال،‏ ينبغي ان نعرف متى انتهت هذه المدة.‏

متى انتهت ‹السبعون سنة›؟‏

كان النبي دانيال موجودا على مسرح الاحداث في بابل،‏ اذ كان على قيد الحياة حين «ملكت مملكة فارس».‏ وقد حسب متى تنتهي السبعون سنة،‏ وكتب قائلا:‏ «انا دانيال تبيَّنت من الاسفار عدد السنين التي كانت كلمة الرب الى ارميا بأنها سبعون سنة تتم على خراب اورشليم».‏ —‏ دانيال ٩:‏١،‏ ٢‏،‏ ي‌ج.‏

من جهة ثانية،‏ تمعَّن عزرا في نبوات ارميا وربط تمام السبعين سنة بالوقت الذي فيه «نبَّه الرب روح كورش ملك فارس فأطلق نداء في كل مملكته».‏ (‏٢ اخبار الايام ٣٦:‏٢١،‏ ٢٢‏،‏ ع‌أ‏)‏ ومتى أُطلق سراح اليهود؟‏ لقد صدر المرسوم الذي أنهى سبيهم «في السنة الاولى لكورش ملك فارس».‏ (‏انظر الاطار  ‏«تاريخ محوري».‏‏)‏ وهكذا،‏ بحلول خريف عام ٥٣٧ ق‌م،‏ كان اليهود قد عادوا الى اورشليم لردّ عبادة الاله الحق.‏ —‏ عزرا ١:‏١-‏٥؛‏ ٢:‏١؛‏ ٣:‏١-‏٥‏.‏

اذًا،‏ وفق التأريخ المؤسس على الكتاب المقدس،‏ كانت السبعون سنة مدة زمنية حرفية انتهت عام ٥٣٧ ق‌م.‏ وإذا عَدَدْنا ٧٠ سنة الى الوراء،‏ تكون بداية هذه المدة في عام ٦٠٧ ق‌م.‏

ولكن،‏ ما دامت ادلة الاسفار المقدسة الموحى بها تشير بوضوح ان اورشليم دمِّرت عام ٦٠٧ ق‌م،‏ فلمَ تصرُّ مراجع كثيرة على تبنّي التاريخ ٥٨٧ ق‌م؟‏ انهم يعتمدون على مصدرين للمعلومات:‏ كتابات قدامى المؤرخين وقانون بطليموس.‏ فهل هذان المصدران اجدر بثقتنا من الاسفار المقدسة؟‏ لندع المعلومات التالية تعطي الجواب.‏

ما مدى دقة المؤرخين القدماء؟‏

يقدِّم المؤرخون الذين عاشوا بعد دمار اورشليم بوقت ليس بطويل معلومات يشوبها التناقض عن ملوك الامبراطورية البابلية الحديثة.‏ * (‏انظر الاطار  ‏«السلالة الملكية البابلية الحديثة».‏‏)‏ والترتيب الزمني للاحداث بناء على معلوماتهم التاريخية يتعارض مع ما نجده في الكتاب المقدس.‏ فإلى اي حدّ يمكن الاعتماد على كتاباتهم؟‏

كان الكاهن البابلي بِروسوس،‏ «كاهن الاله بيل»،‏ من المؤرخين الذين عاشوا في الحقبة الاقرب الى العهد البابلي الحديث.‏ وقد كتب نحو عام ٢٨١ ق‌م تاريخًا عن بابل يُدعى البابليات ‏(‏‏acainolybaB‏)‏ لم يصلنا منه سوى اجزاء حُفظت في اعمال مؤرخين آخرين.‏ وهو يدّعي انه استند الى «مراجع محفوظة بعناية فائقة في بابل».‏‏(‏١‏)‏ فهل كان بِروسوس مؤرخا دقيقا بكل ما للدقة من معنى؟‏ اليك احد الامثلة.‏

جاء في كتابات بِروسوس ان الملك الاشوري سنحاريب خلف «اخاه في المُلك»،‏ ثم «خلفه ابنه [آسرحدون] مدة ٨ سنوات،‏ ومن بعده شموكس [شمش شوم اوكين] ٢١ عاما».‏ (‏الكتاب الثالث،‏ الصفحتان ٢٣،‏ ٢٤)‏ الّا ان الوثائق التاريخية البابلية المكتوبة قبل زمن طويل من ايام بِروسوس تذكر ان سنحاريب ورث العرش عن ابيه سرجون الثاني،‏ وليس عن اخيه؛‏ اما آسرحدون فتولى السلطة ١٢ سنة لا ٨،‏ وملَكَ شمش شوم اوكين ٢٠ سنة لا ٢١.‏ ومن الجدير بالذكر ان الباحث ر.‏ ج.‏ ڤان در سپك يعترف ان بِروسوس اعتمد على المدوَّنات التاريخية البابلية،‏ لكنه يقول:‏ «لم يثنِه ذلك عن زيادة معلومات وتفاسير من عنده».‏‏(‏٢‏)‏

وما رأي علماء آخرين في بِروسوس؟‏ يذكر س.‏ م.‏ برستاين الذي درس اعمال بِروسوس دراسة وافية:‏ «في الماضي،‏ اعتُبر بِروسوس في الغالب مؤرخا».‏ غير انه خلص الى الاستنتاج التالي:‏ «اذا صنَّفناه مؤرخا،‏ فلا بد من القول ان عمله هو دون المستوى المطلوب.‏ فمؤلفه البابليات،‏ حتى في حالته المنقوصة الحاضرة،‏ يحتوي على عدد من الاغلاط الفاضحة التي تخالف ابسط الحقائق .‏ .‏ .‏ وعيوب كهذه في المؤرخ لا تُغتفر،‏ لكن هذا ليس بالامر المفاجئ لأن بِروسوس لم يكن هدفه التأريخ».‏‏(‏٣‏)‏

فما رأيك بالنظر الى ما تقدم؟‏ هل يمكن اعتبار حسابات بِروسوس دقيقة بكل تفاصيلها؟‏ وماذا عن باقي المؤرخين القدامى الذين أرَّخوا الاحداث استنادا الى كتابات بِروسوس في معظم الاحيان؟‏ هل استنتاجاتهم التاريخية حرية بالثقة حقا؟‏

قانون بطليموس

كلوديوس بطليموس عالم فلك يوناني من القرن الثاني للميلاد أعدّ قائمة بأسماء الملوك تُدعى قانون بطليموس.‏ ويُعتبر قانون بطليموس الملكي الركن الاساسي لتأريخ العصور القديمة،‏ بما فيها العهد البابلي الحديث،‏ وهو ايضا يُستخدم لتأييد التاريخ التقليدي،‏ اي ٥٨٧ ق‌م.‏

وضع بطليموس قائمته بعد مضيّ حوالي ٦٠٠ سنة على نهاية العهد البابلي الحديث.‏ فكيف حدد بداية عهد الملك الاول في القائمة؟‏ اوضح بطليموس انه اجرى حسابات فلكية،‏ معتمدا جزئيا على خسوفات القمر،‏ «ليحتسب متى بدأ مُلك نبونصر»،‏ الملك الاول.‏‏(‏٤‏)‏ وعليه،‏ يقول كريستوفر ووكر من المتحف البريطاني ان قانون بطليموس كان «نظاما مصطنعا هدفه تزويد الفلكيين بجدول تواريخ متناغم .‏ .‏ .‏ لا تزويد المؤرخين بسجل دقيق يؤرّخ اعتلاء الملوك العرش ويحدد تواريخ موتهم».‏‏(‏٥‏)‏

وفي سياق متصل،‏ كتب البروفسور ليو ديپاوت،‏ واحد من أشد المدافعين عن بطليموس:‏ «لطالما اعتُبر قانون بطليموس مرجعا فلكيا موثوقا به.‏ .‏ .‏ .‏ غير ان ذلك لا يعني تلقائيا انه مرجع تاريخي يعوَّل عليه».‏ ويضيف ديپاوت معلقا على هذه القائمة الملكية:‏ «في ما يتعلق بالحكام الاولين [الذين يشملون ملوك الامبراطورية البابلية الحديثة]،‏ تلزم مقارنة قانون بطليموس بالسجلات المسمارية ملكا فملكا لتحديد عهد كل ملك».‏‏(‏٦‏)‏

وما هي هذه «السجلات المسمارية» التي تتيح لنا تقييم الدقة التاريخية لقانون بطليموس؟‏ انها وثائق بالخط المسماري‏(‏٧‏)‏ دوّنها كتبة عاصروا الحقبة البابلية الحديثة،‏ وتشمل:‏ المدوَّنات التاريخية البابلية ولوائح الملوك وسجلات اقتصادية.‏

ماذا تكشف مقارنة السجلات المسمارية بقائمة بطليموس؟‏ يُظهر الاطار ادناه،‏  ‏«مقارنة بين قانون بطليموس والالواح القديمة»،‏ جزءا من قانون بطليموس ويقارنه بوثيقة مسمارية قديمة.‏ لاحِظ ان بطليموس يُدرج اربعة ملوك فقط بين الحاكمين البابليين كاندالانو ونبونيد،‏ فيما تكشف لائحة اوروك الملكية —‏ وهي جزء من السجلات المسمارية —‏ عن سبعة ملوك حكموا خلال هذه المدة.‏ فهل كانت فترة مُلكهم وجيزة لا تستحق الذكر؟‏ لقد حكم احدهم سبع سنوات،‏ وفق السجلات الاقتصادية المسمارية.‏‏(‏٨‏)‏

علاوة على ذلك،‏ تحوي الوثائق المسمارية براهين قوية على وجود ملك آخر (‏أشور أتيل إيلاني)‏ حكم في بلاد بابل اربع سنوات قبل عهد نبوبولاسر (‏الملك الاول في العهد البابلي الحديث‏)‏.‏ كما شغر العرش في البلاد مدة تزيد عن سنة.‏‏(‏٩‏)‏ غير ان قانون بطليموس لا يأتي على ذكر شيء من هذه المعلومات.‏

تُرى،‏ لماذا اغفل بطليموس اسماء بعض الحكام؟‏ لأنه على ما يتضح لم يعتبرهم حكاما شرعيين على بابل.‏‏(‏١٠‏)‏ على سبيل المثال،‏ لم يورد بطليموس اسم لاباشي مردوك،‏ احد ملوك السلالة البابلية الحديثة.‏ لكن الوثائق المسمارية تؤكد ان الملوك الذين أَهمل ذكرهم كانوا في الحقيقة حكاما على بلاد بابل.‏

صحيح ان قانون بطليموس يُعتبر دقيقا بشكل عام،‏ ولكن بالنظر الى ما فيه من نواقص،‏ هل يجوز الاعتماد عليه لتأريخ الاحداث في مجرى الزمن تأريخا قاطعا لا يحتمل الشك؟‏

خلاصة الادلة

خلاصة القول ان الكتاب المقدس يتحدث بكل وضوح عن سبي دام ٧٠ سنة.‏ وثمة ادلة دامغة على ان المسبيين اليهود كانوا في موطنهم عام ٥٣٧ ق‌م،‏ وهذا ما يوافق عليه معظم الباحثين.‏ وإذا انطلقنا رجوعا من هذه السنة،‏ نصل الى عام ٦٠٧ ق‌م تاريخا لدمار اورشليم.‏ ومع ان المؤرخين القدامى وبطليموس لا يؤيدون هذا التاريخ،‏ تحوم شبهات مبررة حول دقة كتاباتهم.‏ وفي الحقيقة،‏ ان البراهين المستقاة من هذين المصدرين ليست بكافية لنسف جدول تواريخ الكتاب المقدس.‏

مع ذلك،‏ تبقى بعض الاسئلة عالقة:‏ فهل توجد اثباتات تاريخية تؤيد سنة ٦٠٧ ق‌م بمعزل عن الكتاب المقدس؟‏ وأية ادلة تكشفها الوثائق المسمارية التي يمكن تأريخها والتي كتب الكثير منها شهود عيان في الازمنة القديمة؟‏ سيكون هذان السؤالان مدار بحثنا في العدد التالي.‏

‏[الحواشي]‏

^ ‎الفقرة 4‏ تذكر المراجع العلمانية كلتا السنتين.‏ ولكن على سبيل التبسيط،‏ سنشير في هذه السلسلة الى عام ٥٨٧ قبل الميلاد (‏ق‌م)‏.‏

^ ‎الفقرة 5‏ لدى شهود يهوه ترجمة جديرة بالثقة تُعرف باسم الكتاب المقدس —‏ ترجمة العالم الجديد.‏ ولكن ان لم تكن واحدا من شهود يهوه،‏ فقد تفضّل مناقشة مواضيع الكتاب المقدس على ضوء ترجمات اخرى.‏ لذا تستشهد هذه المقالة بعدد من الترجمات المعتمدة في اللغة العربية.‏

^ ‎الفقرة 23‏ بدأت الامبراطورية البابلية الحديثة بعهد نبوبولاسر،‏ والد نبوخذنصر،‏ وانتهت بمُلك نبونيد.‏ وهذه الحقبة تهمّ الباحثين لأنها تغطي معظم فترة الخراب التي دامت ٧٠ سنة.‏

‏[الاطار/‏الصور في الصفحة ٢٨]‏

 تاريخ محوري

يُحتسب التاريخ المحوري ٥٣٩ ق‌م،‏ سنة سقوط بابل بيد كورش الثاني،‏ على ضوء المعطيات التالية:‏

مصادر تاريخية قديمة وألواح مسمارية:‏ كتب ديودورُس الصقلي (‏نحو ٨٠-‏٢٠ ق‌م)‏ ان كورش اصبح ملك فارس في «السنة الافتتاحية لدورة الالعاب الاولمبية الخامسة والخمسين».‏ (‏المكتبة التاريخية yrarbiL‏ ‏lacirotsiH‏،‏ الكتاب ٩،‏ الجزء ٢١)‏ وهذه السنة هي ٥٦٠ ق‌م.‏ كما ذكر المؤرخ اليوناني هيرودوتُس (‏نحو ٤٨٥-‏٤٢٥ ق‌م)‏ ان كورش قُتل «بعدما ملك تسعة وعشرين عاما»،‏ ما يعني انه مات في السنة الثلاثين من مُلكه،‏ اي سنة ٥٣٠ ق‌م.‏ (‏التاريخ seirotsiH‏،‏ الكتاب الاول،‏ كليو،‏ الجزء ٢١٤)‏ فضلا عن ذلك،‏ تُظهر الالواح المسمارية ان كورش حكم بلاد بابل تسع سنين قبل موته.‏ وعليه،‏ فإذا عدنا من تاريخ موته سنة ٥٣٠ ق‌م تسع سنوات الى الوراء،‏ نصل الى ٥٣٩ ق‌م،‏ سنة استيلائه على بابل.‏

شهادة داعمة من لوح مسماري:‏ يؤكد لوح طيني فلكي بابلي (‏رقمه ‏6‏6‏0‏3‏3‏ ‏M‏B‏)‏ تاريخ موت كورش عام ٥٣٠ ق‌م.‏ صحيح انه يحتوي على بعض الاخطاء في مواقع الاجرام السماوية،‏ الّا انه يورد وصفا لظاهرتَي خسوف وقعتا في السنة السابعة لقمبيز الثاني،‏ ابن كورش وخليفته.‏ ونعرف من علم الفلك ان هذين الخسوفين شوهدا في بابل في ١٦ تموز (‏يوليو)‏ ٥٢٣ ق‌م وفي ١٠ كانون الثاني (‏يناير)‏ ٥٢٢ ق‌م.‏ ويتبيَّن من ذلك ان سنة قمبيز السابعة بدأت في ربيع ٥٢٣ ق‌م،‏ الامر الذي يضع سنة مُلكه الاولى في عام ٥٢٩ ق‌م.‏ وبناء على ذلك،‏ يكون عام ٥٣٠ ق‌م هو السنة الاخيرة لعهد كورش،‏ وعام ٥٣٩ ق‌م سنة حكمه الاولى على بابل.‏

‏[مصدر الصورة]‏

‏m‏u‏e‏s‏u‏M‏ ‏h‏s‏i‏t‏i‏r‏B‏ ‏e‏h‏t‏ ‏f‏o‏ ‏s‏e‏e‏t‏s‏u‏r‏T‏ ‏e‏h‏T‏ ‏©‏ :‏t‏e‏l‏b‏a‏T‏

‏[الاطار في الصفحة ٣١]‏

خلاصة وجيزة

▪ يقول المؤرخون العلمانيون عموما ان اورشليم دمِّرت عام ٥٨٧ ق‌م.‏

▪ يؤكد التأريخ المؤسس على الكتاب المقدس ان هذا الدمار حصل عام ٦٠٧ ق‌م.‏

▪ يبني المؤرخون العلمانيون استنتاجاتهم بصورة رئيسية على كتابات قدامى المؤرخين وقانون بطليموس.‏

▪ تشتمل كتابات قدامى المؤرخين على اغلاط لا يُستهان بها،‏ وتتباين احيانا مع سجل الالواح المسمارية.‏

‏[الاطار في الصفحة ٣١]‏

الهوامش

‏(‏١)‏ البابليات ‏(‏المعروف غالبا باسم ‏eairotsiH‏ ‏muroeadlahC‏)‏،‏ الكتاب الاول،‏ الفقرة ١.‏

‏(‏٢)‏ دراسات في مجتمع الشرق الادنى القديم ورؤيته للعالم ‏(‏‏yteicoS‏ ‏dna‏ ‏weiV‏ ‏dlroW‏ ‏nretsaE‏ ‏raeN‏ ‏tneicnA‏ ‏ni‏ ‏seidutS‏)‏،‏ الصفحة ٢٩٥.‏

‏(‏٣)‏ بابليات بِروسوس ‏(‏‏sussoreB‏ ‏fo‏ ‏acainolybaB‏ ‏ehT‏)‏،‏ الصفحة ٨.‏

‏(‏٤)‏ المجسطي ‏(‏‏tsegamlA‏)‏،‏ الكتاب الثالث،‏ الجزء ٧،‏ ترجمة ج.‏ ج.‏ تومر في مؤلفه مجسطي بطليموس ‏(‏‏tsegamlA‏ ‏s‏’‏ymelotP‏)‏،‏ الصادر عام ١٩٩٨،‏ الصفحة ١٦٦.‏ علم بطليموس ان الفلكيين البابليين استخدموا الرياضيات الفلكية ‹لاحتساب› مواعيد الخسوف في الماضي والمستقبل لأنهم اكتشفوا ان الخسوفات المتشابهة تتكرر كل ١٨ سنة.‏ —‏ المجسطي،‏ الكتاب الرابع،‏ الجزء ٢.‏

‏(‏٥)‏ بلاد ما بين النهرين وإيران في العهد الفارسي ‏(‏‏doireP‏ ‏naisreP‏ ‏eht‏ ‏ni‏ ‏narI‏ ‏dna‏ ‏aimatoposeM‏)‏،‏ الصفحتان ١٧-‏١٨.‏

‏(‏٦)‏ مجلة الدراسات المسمارية ‏(‏‏seidutS‏ ‏mrofienuC‏ ‏fo‏ ‏lanruoJ‏)‏،‏ المجلد ٤٧،‏ ١٩٩٥،‏ الصفحتان ١٠٦-‏١٠٧.‏

‏(‏٧)‏ الخط المسماري خط كتابة ينقش فيه الكاتب رموزا مختلفة على سطح لوح من الطين الطري بأداة حادة تسمى المِرقَم تترك دمغة مثلثة إسفينية الشكل.‏

‏(‏٨)‏ حكم سن شار اشكون سبع سنوات،‏ ويوجد ٥٧ لوحا من السجلات الاقتصادية لهذا الملك مؤرخة من سنة اعتلائه العرش الى السنة السابعة.‏ انظر مجلة الدراسات المسمارية،‏ المجلد ٣٥،‏ ١٩٨٣،‏ الصفحات ٥٤-‏٥٩.‏

‏(‏٩)‏ ان احد السجلات الاقتصادية (‏اللوح رقم ‏2‏5‏1‏2‏ ‎.‏M‏‎.‏B‏‎.‏C‏)‏ مؤرخ في السنة الرابعة لمُلك أشور أتيل إيلاني.‏ (‏المعاملات القانونية والصفقات التجارية المؤرخة في العهد الاشوري،‏ البابلي الحديث،‏ والفارسي ‏—‏ من مدينة نيبور خصوصا ‏[‏ruppiN‏ ‏morF‏ ‏ylfeihC‏—‏sdoireP‏ ‏naisreP‏ ‏dna‏ ‏nainolybaB‏-‏oeN‎,‏nairyssA‏ ‏eht‏ ‏ni‏ ‏detaD‏ ‏snoitcasnarT‏ ‏laicremmoC‏ ‏dna‏ ‏lageL‏]،‏ تأليف أ.‏ ت.‏ كلاي،‏ ١٩٠٨،‏ الصفحة ٧٤.‏)‏ ويرد اسمه قبل نبوبولاسر مباشرة في «نقوش نبونيد في حرَّان» (‏رقمها ‏B‏1‏H‏)‏،‏ العمود ١،‏ السطر ٣٠.‏ (‏مجلة الدراسات الأناضولية ‏[‏seidutS‏ ‏nailotanA‏]،‏ المجلد ٨،‏ ١٩٥٨،‏ الصفحتان ٣٥،‏ ٤٧.‏)‏ اما بالنسبة الى فترة الفراغ الملكي،‏ فانظر المدوَّنات التاريخية الاشورية والبابلية ‏(‏‏selcinorhC‏ ‏nainolybaB‏ ‏dna‏ ‏nairyssA‏)‏،‏ الصفحتين ٨٧-‏٨٨،‏ «المدوَّنة ٢»،‏ السطر ١٤.‏

‏(‏١٠)‏ يؤكد باحثون ان بعض الملوك لم يذكرهم بطليموس لأنهم حملوا لقب «ملك أشور»،‏ فيما أدرج على حدّ زعمهم ملوك بابل فقط.‏ لكن هذا اللقب أُطلق ايضا على عدة ملوك مذكورين في قانون بطليموس،‏ حسبما تلاحظ في الاطار في الصفحة ٣٠.‏ كما ان النقوش والسجلات الاقتصادية والرسائل المسمارية تكشف بوضوح ان أشور أتيل إيلاني وسن شوم ليشر وسن شار اشكون كانوا ملوكا على بلاد بابل.‏

‏[الجدول/‏الصورة في الصفحة ٢٩]‏

 ‏(‏اطلب النص في شكله المنسَّق في المطبوعة)‏

السلالة الملكية البابلية الحديثة

اذا كان هؤلاء المؤرخون جديرين بالثقة،‏ فلماذا تتضارب معلوماتهم؟‏

الملك

نبوبولاسر

بِروسوس نحو ٣٥٠-‏٢٧٠ ق‌م (‏٢١)‏

بوليهستر ١٠٥-‏؟‏ ق‌م (‏٢٠)‏

يوسيفوس ٣٧-‏١٠٠؟‏ ب‌م (‏—‏)‏

بطليموس نحو ١٠٠-‏١٧٠ ب‌م (‏٢١)‏

نبوخذنصر الثاني

بِروسوس نحو ٣٥٠-‏٢٧٠ ق‌م (‏٤٣)‏

بوليهستر ١٠٥-‏؟‏ ق‌م (‏٤٣)‏

يوسيفوس ٣٧-‏١٠٠؟‏ ب‌م (‏٤٣)‏

بطليموس نحو ١٠٠-‏١٧٠ ب‌م (‏٤٣)‏

أميل مردوك

بِروسوس نحو ٣٥٠-‏٢٧٠ ق‌م (‏٢)‏

بوليهستر ١٠٥-‏؟‏ ق‌م (‏١٢)‏

يوسيفوس ٣٧-‏١٠٠؟‏ ب‌م (‏١٨)‏

بطليموس نحو ١٠٠-‏١٧٠ ب‌م (‏٢)‏

نريجليصر

بِروسوس نحو ٣٥٠-‏٢٧٠ ق‌م (‏٤)‏

بوليهستر ١٠٥-‏؟‏ ق‌م (‏٤)‏

يوسيفوس ٣٧-‏١٠٠؟‏ ب‌م (‏٤٠)‏

بطليموس نحو ١٠٠-‏١٧٠ ب‌م (‏٤)‏

لاباشي مردوك

بِروسوس نحو ٣٥٠-‏٢٧٠ ق‌م (‏٩ اشهر)‏

بوليهستر ١٠٥-‏؟‏ ق‌م (‏—‏)‏

يوسيفوس ٣٧-‏١٠٠؟‏ ب‌م (‏٩ اشهر)‏

بطليموس نحو ١٠٠-‏١٧٠ ب‌م (‏—‏)‏

نبونيد

بِروسوس نحو ٣٥٠-‏٢٧٠ ق‌م (‏١٧)‏

بوليهستر ١٠٥-‏؟‏ ق‌م (‏١٧)‏

يوسيفوس ٣٧-‏١٠٠؟‏ ب‌م (‏١٧)‏

بطليموس نحو ١٠٠-‏١٧٠ ب‌م (‏١٧)‏

‏(‏#)‏ = مدة المُلك (‏بالسنوات)‏ كما يحددها قدامى المؤرخين

‏[مصدر الصورة]‏

‏m‏u‏e‏s‏u‏M‏ ‏h‏s‏i‏t‏i‏r‏B‏ ‏e‏h‏t‏ ‏f‏o‏ ‏y‏s‏e‏t‏r‏u‏o‏c‏ ‏y‏b‏ ‏n‏e‏k‏a‏t‏ ‏h‏p‏a‏r‏g‏o‏t‏o‏h‏P‏

‏[الجدول/‏الصورتان في الصفحة ٣٠]‏

 ‏(‏اطلب النص في شكله المنسَّق في المطبوعة)‏

مقارنة بين قانون بطليموس والالواح القديمة

أغفل بطليموس اسماء بعض الملوك في قائمته.‏ فلماذا يا تُرى؟‏

قانون بطليموس

نبونصر

نابو نادين زيري

موكين زيري،‏ و فول

اولولاي (‏شلمنأسر الخامس)‏ «ملك أشور»‏

مرودخ بلادان

سرجون الثاني «ملك أشور»‏

فترة الفراغ الملكي الاولى

بيل ابني

اشور نادين شومي

نرجال اوشيزيب

موشيزيب مردوك

فترة الفراغ الملكي الثانية

آسرحدون «ملك أشور»‏

شمش شوم اوكين

كاندالانو

نبوبولاسر

نبوخذنصر

أميل مردوك

نريجليصر

نبونيد

كورش

قمبيز

لائحة اوروك الملكية بحسب الالواح القديمة

كاندالانو

سن شوم ليشر

سن شار اشكون

نبوبولاسر

نبوخذنصر

أميل مردوك

نريجليصر

لاباشي مردوك

نبونيد

‏[الصورة]‏

المدوَّنات التاريخية البابلية جزء من السجلات المسمارية التي تتيح لنا تقييم الدقة التاريخية لقانون بطليموس

‏[مصدر الصورة]‏

‏m‏u‏e‏s‏u‏M‏ ‏h‏s‏i‏t‏i‏r‏B‏ ‏e‏h‏t‏ ‏f‏o‏ ‏y‏s‏e‏t‏r‏u‏o‏c‏ ‏y‏b‏ ‏n‏e‏k‏a‏t‏ ‏h‏p‏a‏r‏g‏o‏t‏o‏h‏P‏

‏[مصدر الصورة في الصفحة ٣١]‏

‏m‏u‏e‏s‏u‏M‏ ‏h‏s‏i‏t‏i‏r‏B‏ ‏e‏h‏t‏ ‏f‏o‏ ‏y‏s‏e‏t‏r‏u‏o‏c‏ ‏y‏b‏ ‏n‏e‏k‏a‏t‏ ‏h‏p‏a‏r‏g‏o‏t‏o‏h‏P‏