الانتقال الى المحتويات

الانتقال إلى المحتويات

اَلْفَصْلُ ٱلثَّامِنُ

احتملَ رغم خيبات الامل

احتملَ رغم خيبات الامل

١ لِمَ كَانَتْ شِيلُوهُ مُثْقَلَةً بِٱلْأَحْزَانِ؟‏

رَأَى صَمُوئِيلُ مَدِينَةَ شِيلُوهَ مُثْقَلَةً بِٱلْأَحْزَانِ وَغَارِقَةً فِي بَحْرٍ مِنَ ٱلدُّمُوعِ.‏ فَكَمْ مِنَ ٱلْبُيُوتِ ضَجَّتْ بِصُرَاخِ نِسَاءٍ وَأَوْلَادٍ يَنْدُبُونَ آبَاءً وَأَزْوَاجًا وَأَبْنَاءً وَإِخْوَةً مَضَوْا إِلَى غَيْرِ رَجْعَةٍ!‏ فَٱلْإِسْرَائِيلِيُّونَ خَسِرُوا مَا يُقَارِبُ ٣٠٬٠٠٠ جُنْدِيٍّ فِي هَزِيمَةٍ نَكْرَاءَ أَلْحَقَهَا بِهِمِ ٱلْفِلِسْطِيُّونَ،‏ وَذٰلِكَ بَعْدَ مُرُورِ وَقْتٍ قَصِيرٍ عَلَى خَسَارَتِهِمْ ٤٬٠٠٠ جُنْدِيٍّ فِي مَعْرَكَةٍ سَابِقَةٍ.‏ —‏ ١ صم ٤:‏​١،‏ ٢،‏ ١٠‏.‏

٢،‏ ٣ أَيَّةُ سِلْسِلَةٍ مِنَ ٱلْمَآسِي أَلْحَقَتِ ٱلْخِزْيَ بِشِيلُوهَ وَخَسَّرَتْهَا مَجْدَهَا؟‏

٢ لَمْ تَكُنْ تِلْكَ ٱلْمَأْسَاةُ سِوَى حَلَقَةٍ مِنْ سِلْسِلَةِ مَآسٍ أَلَمَّتْ بِإِسْرَائِيلَ!‏ فَقُبَيْلَ ذٰلِكَ،‏ أُخْرِجَ تَابُوتُ ٱلْعَهْدِ ٱلْمُقَدَّسُ مِنْ شِيلُوهَ وَسَارَ مَعَهُ حُفْنِي وَفِينْحَاسُ ٱلشِّرِّيرَانِ،‏ ٱبْنَا رَئِيسِ ٱلْكَهَنَةِ عَالِي.‏ وَهٰذَا ٱلصُّنْدُوقُ ٱلثَّمِينُ ٱلَّذِي وُضِعَ عَادَةً فِي قُدْسِ ٱلْأَقْدَاسِ فِي ٱلْمَسْكَنِ رَمَزَ إِلَى حَضْرَةِ ٱللهِ.‏ بَعْدَ ذٰلِكَ،‏ أَخَذَهُ ٱلشَّعْبُ إِلَى ٱلْمَعْرَكَةِ ظَنًّا مِنْهُمْ أَنَّهُ تَعْوِيذَةٌ تَنْصُرُهُمْ عَلَى أَعْدَائِهِمْ.‏ وَلٰكِنْ يَا لَحَمَاقَةِ تَفْكِيرِهِمْ!‏ فَقَدِ ٱسْتَوْلَى عَلَيْهِ ٱلْفِلِسْطِيُّونَ وَقَتَلُوا حُفْنِيَ وَفِينْحَاسَ.‏ —‏ ١ صم ٤:‏​٣-‏١١‏.‏

٣ طَوَالَ قُرُونٍ مَضَتْ،‏ أَضْفَى ٱلتَّابُوتُ وَقَارًا وَمَجْدًا عَلَى ٱلْمَسْكَنِ فِي شِيلُوهَ.‏ لٰكِنَّهُ ٱلْآنَ لَمْ يَعُدْ مَوْجُودًا.‏ وَمَا إِنْ وَصَلَتْ هٰذِهِ ٱلْأَخْبَارُ إِلَى مَسَامِعِ عَالِي ٱلْبَالِغِ مِنَ ٱلْعُمْرِ ٩٨ سَنَةً حَتَّى سَقَطَ عَنِ ٱلْكُرْسِيِّ إِلَى ٱلْوَرَاءِ وَمَاتَ.‏ كَذٰلِكَ كَنَّتُهُ ٱلَّتِي تَرَمَّلَتْ فِي ٱلْيَوْمِ عَيْنِهِ مَاتَتْ وَهِيَ تُنْجِبُ طِفْلًا.‏ وَقَدْ قَالَتْ وَهِيَ تَلْفِظُ آخِرَ أَنْفَاسِهَا:‏ «سُبِيَ ٱلْمَجْدُ عَنْ إِسْرَائِيلَ».‏ فَشِيلُوهُ مَا كَانَتْ لِتَعُودَ إِلَى سَابِقِ عَهْدِهَا.‏ —‏ ١ صم ٤:‏​١٢-‏٢٢‏.‏

٤ مَاذَا سَنُنَاقِشُ فِي هٰذَا ٱلْفَصْلِ؟‏

٤ فَكَيْفَ كَانَ صَمُوئِيلُ سَيُوَاجِهُ هٰذِهِ ٱلْخَيْبَاتِ ٱلْمُرَّةَ؟‏ هَلْ إِيمَانُهُ مَتِينٌ إِلَى حَدٍّ يَقْوَى مَعَهُ عَلَى مُسَاعَدَةِ شَعْبٍ خَسِرَ حِمَايَةَ يَهْوَهَ وَرِضَاهُ؟‏ جَمِيعُنَا ٱلْيَوْمَ نُوَاجِهُ فِي بَعْضِ ٱلْأَحْيَانِ شَدَائِدَ وَخَيْبَاتٍ تَمْتَحِنُ إِيمَانَنَا.‏ فَلْنَرَ مَاذَا لَنَا أَنْ نَتَعَلَّمَ بَعْدُ مِنْ صَمُوئِيلَ.‏

‏‹صَنَعَ بِرًّا›‏

٥،‏ ٦ عَلَامَ رَكَّزَ سِجِلُّ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ خِلَالَ فَتْرَةٍ ٱمْتَدَّتْ ٢٠ سَنَةً،‏ وَبِمَ ٱنْشَغَلَ صَمُوئِيلُ آنَذَاكَ؟‏

٥ يَتَحَوَّلُ سِجِلُّ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ ٱلْآنَ عَنْ صَمُوئِيلَ لِيُرَكِّزَ عَلَى ٱلتَّابُوتِ ٱلْمُقَدَّسِ،‏ فَيَرْوِي كَيْفَ عَانَى ٱلْفِلِسْطِيُّونَ بِسَبَبِهِ وَأُجْبِرُوا عَلَى إِعَادَتِهِ.‏ وَلَا يَأْتِي عَلَى ذِكْرِ صَمُوئِيلَ مُجَدَّدًا إِلَّا بَعْدَ مُرُورِ نَحْوِ ٢٠ سَنَةً.‏ (‏١ صم ٧:‏٢‏)‏ فَبِمَ كَانَ مُنْشَغِلًا طَوَالَ هٰذِهِ ٱلْفَتْرَةِ؟‏ لَا حَاجَةَ بِنَا إِلَى ٱلتَّخْمِينِ لِأَنَّ ٱلْجَوَابَ مُدَوَّنٌ فِي ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ.‏

كَيْفَ سَاعَدَ صَمُوئِيلُ شَعْبَهُ أَنْ يَتَخَطَّوْا خَسَارَتَهُمُ ٱلْفَادِحَةَ وَخَيْبَةَ أَمَلِهِمِ ٱلْمَرِيرَةَ؟‏

٦ فَقَبْلَ تِلْكَ ٱلْفَتْرَةِ،‏ تُخْبِرُنَا ٱلرِّوَايَةُ أَنَّ ‹كَلَامَ صَمُوئِيلَ كَانَ إِلَى كُلِّ إِسْرَائِيلَ›.‏ (‏١ صم ٤:‏١‏)‏ وَبَعْدَ ٱنْقِضَائِهَا،‏ نَقْرَأُ أَنَّهُ كَانَ مُعْتَادًا كُلَّ سَنَةٍ أَنْ يَزُورَ ثَلَاثَ مُدُنٍ فِي إِسْرَائِيلَ،‏ فَيَطُوفُ فِيهَا لِيُعَالِجَ ٱلْقَضَايَا وَٱلْخِلَافَاتِ ٱلنَّاشِئَةَ ثُمَّ يَعُودُ إِلَى بَيْتِهِ فِي ٱلرَّامَةِ.‏ (‏١ صم ٧:‏​١٥-‏١٧‏)‏ مِنَ ٱلْوَاضِحِ إِذًا أَنَّهُ ٱنْشَغَلَ كَثِيرًا خِلَالَ فَتْرَةِ ٱلْعِشْرِينَ سَنَةً مُنْجِزًا ٱلْعَدِيدَ مِنَ ٱلْمُهِمَّاتِ.‏

صَحِيحٌ أَنَّ سِجِلَّ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ لَا يَأْتِي عَلَى ذِكْرِ صَمُوئِيلَ طِيلَةَ ٢٠ سَنَةً،‏ لٰكِنَّنَا عَلَى ثِقَةٍ أَنَّهُ ظَلَّ مُنْشَغِلًا بِخِدْمَةِ يَهْوَهَ

٧،‏ ٨ ‏(‏أ)‏ أَيُّ رِسَالَةٍ نَقَلَهَا صَمُوئِيلُ إِلَى ٱلشَّعْبِ بَعْدَ عَقْدَيْنِ مِنَ ٱلْجُهُودِ ٱلدَّؤُوبَةِ؟‏ (‏ب)‏ كَيْفَ تَجَاوَبَ ٱلشَّعْبُ مَعَ كَلِمَاتِ صَمُوئِيلَ ٱلْمُطَمْئِنَةِ؟‏

٧ لَقَدْ قَوَّضَ ٱبْنَا عَالِي إِيمَانَ ٱلشَّعْبِ بِفَسَادِهِمَا وَٱنْحِطَاطِهِمَا ٱلْأَدَبِيِّ،‏ فَتَحَوَّلَ كَثِيرُونَ كَمَا يَبْدُو إِلَى عِبَادَةِ ٱلْأَصْنَامِ.‏ وَلٰكِنْ بَعْدَ عَقْدَيْنِ بَذَلَ فِيهِمَا صَمُوئِيلُ جُهُودًا دَؤُوبَةً،‏ نَقَلَ إِلَى ٱلشَّعْبِ ٱلرِّسَالَةَ ٱلتَّالِيَةَ:‏ «إِنْ كُنْتُمْ رَاجِعِينَ إِلَى يَهْوَهَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكُمْ،‏ فَأَزِيلُوا ٱلْآلِهَةَ ٱلْغَرِيبَةَ مِنْ وَسْطِكُمْ وَتَمَاثِيلَ عَشْتُورَثَ أَيْضًا،‏ وَثَبِّتُوا قَلْبَكُمْ فِي يَهْوَهَ وَٱخْدُمُوهُ وَحْدَهُ،‏ فَيُنْقِذَكُمْ مِنْ يَدِ ٱلْفِلِسْطِيِّينَ».‏ —‏ ١ صم ٧:‏٣‏.‏

٨ كَانَتْ «يَدُ ٱلْفِلِسْطِيِّينَ» قَدْ أَصْبَحَتْ ثَقِيلَةً عَلَى ٱلشَّعْبِ.‏ فَبَعْدَمَا أَنْزَلُوا هَزِيمَةً سَاحِقَةً بِجَيْشِ إِسْرَائِيلَ،‏ ظَنُّوا أَنَّ بِإِمْكَانِهِمْ مُضَايَقَةَ شَعْبِ ٱللهِ دُونَ عِقَابٍ.‏ غَيْرَ أَنَّ صَمُوئِيلَ أَكَّدَ لِلشَّعْبِ أَنَّ ٱلْأَحْوَالَ سَتَتَغَيَّرُ إِنْ هُمْ رَجَعُوا إِلَى يَهْوَهَ.‏ فَهَلْ كَانُوا عَلَى ٱسْتِعْدَادٍ لِذٰلِكَ؟‏ فَرِحَ ٱلنَّبِيُّ دُونَ شَكٍّ حِينَ أَزَالَ ٱلشَّعْبُ أَصْنَامَهُمْ وَ «خَدَمُوا يَهْوَهَ وَحْدَهُ».‏ فَجَمَعَهُمْ فِي ٱلْمِصْفَاةِ،‏ مَدِينَةٍ جَبَلِيَّةٍ شَمَالَ أُورُشَلِيمَ،‏ حَيْثُ صَامُوا وَتَابُوا عَنْ خَطَايَاهُمُ ٱلْكَثِيرَةِ ٱلْمُرْتَبِطَةِ بِعِبَادَةِ ٱلْأَصْنَامِ.‏ —‏ اقرأ ١ صموئيل ٧:‏​٤-‏٦‏.‏

حِينَ ٱجْتَمَعَ شَعْبُ يَهْوَهَ ٱلتَّائِبُ مَعًا،‏ فَكَّرَ ٱلْفِلِسْطِيُّونَ فِي ٱنْتِهَازِ ٱلْفُرْصَةِ لِلتَّعَدِّي عَلَيْهِمْ

٩ أَيُّ فُرْصَةٍ ٱنْتَهَزَهَا ٱلْفِلِسْطِيُّونَ،‏ وَكَيْفَ شَعَرَ شَعْبُ ٱللهِ حِينَ تَهَدَّدَهُمُ ٱلْخَطَرُ؟‏

٩ غَيْرَ أَنَّ ٱلْفِلِسْطِيِّينَ عَلِمُوا بِهٰذَا ٱلِٱجْتِمَاعِ ٱلضَّخْمِ،‏ فَٱنْتَهَزُوا ٱلْفُرْصَةَ وَأَرْسَلُوا جَيْشًا إِلَى ٱلْمِصْفَاةِ لِيَسْحَقُوا عُبَّادَ يَهْوَهَ.‏ وَلَمَّا سَمِعَ ٱلْإِسْرَائِيلِيُّونَ أَنَّ ٱلْخَطَرَ يَتَهَدَّدُهُمْ،‏ دَبَّ ٱلرُّعْبُ فِي قُلُوبِهِمْ وَسَأَلُوا صَمُوئِيلَ أَنْ يُصَلِّيَ لِأَجْلِهِمْ.‏ فَلَبَّى طَلَبَهُمْ وَقَرَّبَ ذَبِيحَةً أَيْضًا.‏ وَفِيمَا هُوَ يُؤَدِّي هٰذَا ٱلْعَمَلَ ٱلْمُقَدَّسَ،‏ صَعِدَ جَيْشُ ٱلْفِلِسْطِيِّينَ عَلَى ٱلْمِصْفَاةِ.‏ حِينَئِذٍ،‏ ٱسْتَجَابَ يَهْوَهُ صَلَاةَ صَمُوئِيلَ،‏ ‹فَأَرْعَدَ عَلَى ٱلْفِلِسْطِيِّينَ بِضَجِيجٍ عَالٍ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ› تَعْبِيرًا عَنْ حُمُوِّ غَضَبِهِ.‏ —‏ ١ صم ٧:‏​٧-‏١٠‏.‏

١٠،‏ ١١ ‏(‏أ)‏ مَاذَا يُؤَكِّدُ أَنَّ قَصْفَ ٱلرَّعْدِ ٱلَّذِي سَمِعَهُ جَيْشُ ٱلْفِلِسْطِيِّينَ كَانَ غَيْرَ ٱعْتِيَادِيٍّ؟‏ (‏ب)‏ عَمَّ أَسْفَرَتِ ٱلْمَعْرَكَةُ ٱلَّتِي بَدَأَتْ فِي ٱلْمِصْفَاةِ؟‏

١٠ هَلْ يُعْقَلُ أَنْ نَتَخَيَّلَ هٰؤُلَاءِ ٱلْفِلِسْطِيِّينَ مِثْلَ ٱلْأَوْلَادِ ٱلصِّغَارِ ٱلَّذِينَ يُسْرِعُونَ إِلَى أُمَّهَاتِهِمْ لِيَخْتَبِئُوا وَرَاءَهُنَّ خَوْفًا مِنْ قَصْفِ ٱلرَّعْدِ؟‏ كَلَّا،‏ فَقَدْ كَانُوا رِجَالَ حَرْبٍ أَشِدَّاءَ قَسَّتِ ٱلْمَعَارِكُ قُلُوبَهُمْ.‏ وَلٰكِنْ لَا بُدَّ أَنَّهُمْ سَمِعُوا آنَذَاكَ هَدِيرًا لَمْ يَسْبِقْ لَهُ مَثِيلٌ.‏ فَهَلْ كَانَ ‹ضَجِيجُ ٱلرَّعْدِ عَالِيًا› يَصُمُّ ٱلْآذَانَ؟‏ هَلْ دَوَّتْ بِهِ سَمَاءٌ زَرْقَاءُ صَافِيَةٌ،‏ أَمْ رَدَّدَتْ مُنْحَدَرَاتُ ٱلتِّلَالِ صَدَاهُ ٱلْقَوِيَّ؟‏ فِي كُلِّ ٱلْأَحْوَالِ،‏ أَحْدَثَ ٱلرَّعْدُ خَوْفًا وَٱرْتِبَاكًا بَيْنَ صُفُوفِ ٱلْفِلِسْطِيِّينَ.‏ فَوَقَعُوا فِي بَلْبَلَةٍ عَظِيمَةٍ،‏ وَسُرْعَانَ مَا تَحَوَّلُوا مِنْ وُحُوشٍ مُفْتَرِسَةٍ إِلَى فَرَائِسَ.‏ فَهَبَّ رِجَالُ إِسْرَائِيلَ مِنَ ٱلْمِصْفَاةِ وَهَزَمُوهُمْ وَطَارَدُوهُمْ عِدَّةَ كِيلُومِتْرَاتٍ حَتَّى جَنُوبِ غَرْبِ أُورُشَلِيمَ.‏ —‏ ١ صم ٧:‏١١‏.‏

١١ لَقَدْ شَكَّلَتْ تِلْكَ ٱلْمَعْرَكَةُ نُقْطَةَ تَحَوُّلٍ فِي حَيَاةِ شَعْبِ ٱللهِ.‏ فَمُذَّاكَ،‏ رَاحَ ٱلْفِلِسْطِيُّونَ يَتَقَهْقَرُونَ شَيْئًا فَشَيْئًا كُلَّ ٱلْأَيَّامِ ٱلَّتِي خَدَمَ فِيهَا صَمُوئِيلُ قَاضِيًا.‏ وَٱسْتَعَادَ شَعْبُ ٱللهِ مُدُنَهُمُ ٱلْوَاحِدَةَ تِلْوَ ٱلْأُخْرَى.‏ —‏ ١ صم ٧:‏​١٣،‏ ١٤‏.‏

١٢ مَاذَا يَعْنِي أَنَّ صَمُوئِيلَ ‹صَنَعَ بِرًّا›،‏ وَأَيَّةُ صِفَاتٍ سَاعَدَتْهُ أَنْ يَظَلَّ فَعَّالًا فِي خِدْمَتِهِ؟‏

١٢ بَعْدَ قُرُونٍ،‏ أَدْرَجَ ٱلرَّسُولُ بُولُسُ ٱسْمَ صَمُوئِيلَ بَيْنَ ٱلْقُضَاةِ وَٱلْأَنْبِيَاءِ ٱلْأُمَنَاءِ ٱلَّذِينَ «صَنَعُوا بِرًّا».‏ (‏عب ١١:‏​٣٢،‏ ٣٣‏)‏ فَقَدْ سَاعَدَ صَمُوئِيلُ ٱلشَّعْبَ عَلَى فِعْلِ مَا هُوَ صَالِحٌ وَصَائِبٌ فِي عَيْنَيِ ٱللهِ.‏ وَظَلَّ يَخْدُمُ بِفَعَّالِيَّةٍ لِأَنَّهُ ٱنْتَظَرَ يَهْوَهَ بِصَبْرٍ،‏ مُوَاصِلًا عَمَلَهُ بِأَمَانَةٍ رَغْمَ خَيْبَاتِ ٱلْأَمَلِ.‏ وَأَعْرَبَ أَيْضًا عَنْ رُوحِ ٱلتَّقْدِيرِ وَٱلِٱمْتِنَانِ.‏ فَبَعْدَ ٱلنَّصْرِ ٱلَّذِي أُحْرِزَ فِي ٱلْمِصْفَاةِ،‏ أَقَامَ نُصْبًا تَذْكَارِيًّا لِكَيْلَا يَنْسَى ٱلشَّعْبُ كَيْفَ سَاعَدَهُمْ يَهْوَهُ.‏ —‏ ١ صم ٧:‏١٢‏.‏

١٣ ‏(‏أ)‏ أَيَّةُ صِفَاتٍ تَلْزَمُنَا إِذَا أَرَدْنَا ٱلِٱقْتِدَاءَ بِصَمُوئِيلَ؟‏ (‏ب)‏ بِرَأْيِكَ،‏ مَتَى هُوَ ٱلْوَقْتُ ٱلْمُنَاسِبُ لِتَنْمِيَةِ مِثْلِ هٰذِهِ ٱلصِّفَاتِ؟‏

١٣ هَلْ تُرِيدُ أَنْ ‹تَصْنَعَ بِرًّا› أَنْتَ أَيْضًا؟‏ فِي هٰذِهِ ٱلْحَالِ،‏ يَحْسُنُ بِكَ أَنْ تَتَعَلَّمَ مِنْ صَمُوئِيلَ دُرُوسًا فِي ٱلصَّبْرِ وَٱلتَّوَاضُعِ وَٱلتَّقْدِيرِ.‏ ‏(‏اقرأ ١ بطرس ٥:‏٦‏.‏‏)‏ وَمَنْ مِنَّا لَا تَنْقُصُهُ هٰذِهِ ٱلصِّفَاتُ؟‏!‏ طَبْعًا،‏ ٱسْتَفَادَ صَمُوئِيلُ جِدًّا مِنِ ٱكْتِسَابِ هٰذِهِ ٱلْخِصَالِ ٱلْحَمِيدَةِ وَٱلْإِعْرَابِ عَنْهَا فِي سِنٍّ صَغِيرَةٍ نِسْبِيًّا.‏ فَقَدْ مُنِيَ بِخَيْبَاتٍ أَشَدَّ مَرَارَةً فِي سَنَوَاتِهِ ٱللَّاحِقَةِ.‏

‏«اِبْنَاكَ لَمْ يَسِيرَا فِي طُرُقِكَ»‏

١٤،‏ ١٥ ‏(‏أ)‏ أَيُّ خَيْبَةِ أَمَلٍ مَرِيرَةٍ مُنِيَ بِهَا صَمُوئِيلُ بَعْدَمَا «شَاخَ»؟‏ (‏ب)‏ هَلْ قَصَّرَ صَمُوئِيلُ فِي وَاجِبَاتِهِ ٱلْأَبَوِيَّةِ مِثْلَ عَالِي؟‏ أَوْضِحُوا.‏

١٤ يَأْتِي ٱلسِّجِلُّ عَلَى ذِكْرِ صَمُوئِيلَ مُجَدَّدًا بَعْدَمَا «شَاخَ» وَعَهِدَ إِلَى ٱبْنَيْهِ ٱلرَّاشِدَيْنِ،‏ يُوئِيلَ وَأَبِيَّا،‏ أَنْ يُسَاعِدَاهُ فِي ٱلْقَضَاءِ.‏ وَلٰكِنْ مِنَ ٱلْمُؤْسِفِ أَنَّ ثِقَتَهُ بِهِمَا لَمْ تَكُنْ فِي مَحَلِّهَا.‏ فَهُوَ كَانَ مُسْتَقِيمًا وَبَارًّا،‏ أَمَّا ٱبْنَاهُ فَٱسْتَغَلَّا مَنْصِبَهُمَا لِأَهْدَافٍ أَنَانِيَّةٍ،‏ فَحَرَّفَا ٱلْعَدْلَ وَأَخَذَا ٱلرَّشَوَاتِ.‏ —‏ ١ صم ٨:‏​١-‏٣‏.‏

١٥ وَذَاتَ يَوْمٍ،‏ تَشَكَّى شُيُوخُ إِسْرَائِيلَ إِلَى صَمُوئِيلَ ٱلْمُسِنِّ قَائِلِينَ:‏ «اِبْنَاكَ لَمْ يَسِيرَا فِي طُرُقِكَ».‏ (‏١ صم ٨:‏​٤،‏ ٥‏)‏ فَهَلْ كَانَ عَلَى عِلْمٍ بِمَا يَحْدُثُ؟‏ لَا تُزَوِّدُنَا ٱلرِّوَايَةُ بِٱلْجَوَابِ.‏ وَلٰكِنْ بِخِلَافِ عَالِي،‏ لَمْ يَكُنْ بِٱلتَّأْكِيدِ أَبًا يَسْتَحِقُّ ٱللَّوْمَ.‏ فَيَهْوَهُ وَبَّخَ عَالِيَ وَعَاقَبَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يُقَوِّمِ ٱبْنَيْهِ ٱلشِّرِّيرَيْنِ بَلْ أَكْرَمَهُمَا عَلَيْهِ.‏ (‏١ صم ٢:‏​٢٧-‏٢٩‏)‏ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَرَ مَا يَعِيبُ صَمُوئِيلَ فِي هٰذَا ٱلْخُصُوصِ.‏

كَيْفَ تَجَاوَزَ صَمُوئِيلُ خَيْبَتَهُ ٱلنَّاجِمَةَ عَنْ سُلُوكِ ٱبْنَيْهِ ٱلرَّدِيءِ؟‏

١٦ أَيَّةُ مَشَاعِرَ تُسَاوِرُ ٱلْوَالِدِينَ حِينَ يَتَمَرَّدُ أَوْلَادُهُمْ عَلَيْهِمْ،‏ وَكَيْفَ لَهُمْ أَنْ يَسْتَمِدُّوا ٱلتَّعْزِيَةَ وَٱلْإِرْشَادَ مِنْ مِثَالِ صَمُوئِيلَ؟‏

١٦ لَا تَكْشِفُ ٱلرِّوَايَةُ عَنْ مَشَاعِرِ ٱلْخَيْبَةِ وَٱلْقَلَقِ وَٱلْخِزْيِ ٱلَّتِي طَعَنَتْ قَلْبَ صَمُوئِيلَ حِينَ عَلِمَ بِمَسْلَكِ ٱبْنَيْهِ ٱلشِّرِّيرِ.‏ لٰكِنَّ مَشَاعِرَ كَهٰذِهِ تَتَمَلَّكُ آبَاءً وَأُمَّهَاتٍ كَثِيرِينَ ٱلْيَوْمَ.‏ فَفِي أَزْمِنَتِنَا ٱلْعَصِيبَةِ هٰذِهِ،‏ بَاتَ ٱلتَّمَرُّدُ عَلَى سُلْطَةِ ٱلْوَالِدِينَ وَعِصْيَانُ تَأْدِيبِهِمْ آفَةً مُتَفَشِّيَةً.‏ ‏(‏اقرأ ٢ تيموثاوس ٣:‏​١-‏٥‏.‏‏)‏ وَٱلْوَالِدُونَ ٱلَّذِينَ يُقَاسُونَ أَلَمًا كَهٰذَا قَدْ يَسْتَمِدُّونَ ٱلتَّعْزِيَةَ وَٱلْإِرْشَادَ مِنْ مِثَالِ صَمُوئِيلَ.‏ فَهُوَ لَمْ يَدَعْ طُرُقَ ٱبْنَيْهِ ٱلْمُلْتَوِيَةَ تَثْنِيهِ وَلَوْ لَحْظَةً عَنْ مَسْلَكِهِ ٱلْأَمِينِ.‏ وَجَدِيرٌ بِٱلذِّكْرِ أَنَّ ٱلْمِثَالَ ٱلْأَبَوِيَّ يَبْقَى لَهُ ٱلدَّوْرُ ٱلْأَكْبَرُ فِي ٱلْوُصُولِ إِلَى قُلُوبِ ٱلْأَوْلَادِ ٱلَّتِي لَمْ يُؤَثِّرْ فِيهَا لَا ٱلْكَلَامُ وَلَا ٱلتَّأْدِيبُ.‏ وَبِرَسْمِ ٱلْمِثَالِ ٱلْجَيِّدِ،‏ يُفَرِّحُ ٱلْوَالِدُونَ قَلْبَ يَهْوَهَ ٱللهِ وَيَكُونُونَ مَفْخَرَةً فِي عَيْنَيْهِ،‏ تَمَامًا مِثْلَ صَمُوئِيلَ.‏

‏‹عَيِّنْ لَنَا مَلِكًا›‏

١٧ مَاذَا طَلَبَ شُيُوخُ إِسْرَائِيلَ مِنْ صَمُوئِيلَ،‏ وَكَيْفَ كَانَ رَدُّ فِعْلِهِ؟‏

١٧ لَمْ يُدْرِكِ ٱبْنَا صَمُوئِيلَ عَوَاقِبَ جَشَعِهِمَا وَأَنَانِيَّتِهِمَا.‏ فَقَدْ طَلَبَ شُيُوخُ إِسْرَائِيلَ مِنْ صَمُوئِيلَ:‏ «عَيِّنِ ٱلْآنَ لَنَا مَلِكًا يَقْضِي لَنَا كَجَمِيعِ ٱلْأُمَمِ».‏ فَهَلْ كَانَ طَلَبُهُمْ هٰذَا رَفْضًا لَهُ؟‏ لَقَدْ قَضَى صَمُوئِيلُ لِلشَّعْبِ طَوَالَ عُقُودٍ نِيَابَةً عَنْ يَهْوَهَ.‏ لٰكِنَّهُمُ ٱلْآنَ مَا عَادُوا يُرِيدُونَ أَنْ يَقْضِيَ لَهُمْ مُجَرَّدُ نَبِيٍّ،‏ بَلْ أَرَادُوا مَلِكًا كَسَائِرِ ٱلْأُمَمِ ٱلْمُحِيطَةِ بِهِمْ.‏ فَكَيْفَ كَانَ رَدُّ فِعْلِهِ؟‏ ‹سَاءَ ٱلْأَمْرُ فِي عَيْنَيْهِ›،‏ حَسْبَمَا تُخْبِرُنَا ٱلرِّوَايَةُ.‏ —‏ ١ صم ٨:‏​٥،‏ ٦‏.‏

١٨ أَيَّةُ كَلِمَاتٍ أَرَاحَتْ صَمُوئِيلَ وَبَيَّنَتْ فِي ٱلْوَقْتِ عَيْنِهِ جَسَامَةَ خَطَإِ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ؟‏

١٨ لَاحِظْ مَاذَا كَانَ جَوَابُ يَهْوَهَ حِينَ رَفَعَ صَمُوئِيلُ إِلَيْهِ ٱلْمَسْأَلَةَ فِي ٱلصَّلَاةِ:‏ «اِسْمَعْ لِصَوْتِ ٱلشَّعْبِ فِي كُلِّ مَا يَقُولُونَ لَكَ؛‏ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَرْفُضُوكَ أَنْتَ،‏ بَلْ رَفَضُونِي أَنَا مَلِكًا عَلَيْهِمْ».‏ صَحِيحٌ أَنَّ هٰذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ أَرَاحَتْ صَمُوئِيلَ،‏ وَلٰكِنْ يَا لَلْإِهَانَةِ ٱلْفَظِيعَةِ ٱلَّتِي وَجَّهَهَا ٱلشَّعْبُ لِلهِ ٱلْقَادِرِ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ!‏ إِضَافَةً إِلَى ذٰلِكَ،‏ أَوْصَى يَهْوَهُ نَبِيَّهُ أَنْ يُحَذِّرَ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ أَنَّ تَعْيِينَ مَلِكٍ عَلَيْهِمْ سَيُكَلِّفُهُمْ غَالِيًا.‏ مَعَ ذٰلِكَ،‏ أَصَرُّوا قَائِلِينَ:‏ «بَلْ يَكُونُ عَلَيْنَا مَلِكٌ».‏ فَمَا كَانَ مِنْ صَمُوئِيلَ إِلَّا أَنْ أَعْرَبَ عَنِ ٱلطَّاعَةِ كَعَادَتِهِ وَمَسَحَ ٱلْمَلِكَ ٱلَّذِي ٱخْتَارَهُ يَهْوَهُ.‏ —‏ ١ صم ٨:‏​٧-‏١٩‏.‏

١٩،‏ ٢٠ ‏(‏أ)‏ كَيْفَ أَطَاعَ صَمُوئِيلُ أَمْرَ يَهْوَهَ أَنْ يَمْسَحَ شَاوُلَ مَلِكًا عَلَى إِسْرَائِيلَ؟‏ (‏ب)‏ كَيْفَ وَاظَبَ صَمُوئِيلُ عَلَى مُسَاعَدَةِ شَعْبِ يَهْوَهَ؟‏

١٩ وَلٰكِنْ هَلْ أَطَاعَ صَمُوئِيلُ بِٱمْتِعَاضٍ وَبِحُكْمِ ٱلْوَاجِبِ؟‏ هَلْ سَمَحَ لِلْخَيْبَةِ أَنْ تُسَمِّمَ قَلْبَهُ وَلِلشُّعُورِ بِٱلْمَرَارَةِ أَنْ يَسْتَحْوِذَ عَلَيْهِ؟‏ قَدْ يَصِحُّ ذٰلِكَ فِي كَثِيرِينَ وَلٰكِنْ لَيْسَ فِي صَمُوئِيلَ.‏ فَقَدْ مَسَحَ شَاوُلَ وَٱعْتَرَفَ أَنَّ يَهْوَهَ ٱخْتَارَهُ،‏ وَقَبَّلَهُ أَيْضًا دَلَالَةً عَلَى ٱلتَّرْحِيبِ بِهِ وَتَعْبِيرًا عَنِ ٱلْخُضُوعِ لَهُ بِصِفَتِهِ ٱلْمَلِكَ ٱلْجَدِيدَ.‏ وَقَالَ لِلشَّعْبِ:‏ «هَلْ رَأَيْتُمُ ٱلَّذِي ٱخْتَارَهُ يَهْوَهُ،‏ أَنَّهُ لَيْسَ مِثْلُهُ بَيْنَ جَمِيعِ ٱلشَّعْبِ؟‏».‏ —‏ ١ صم ١٠:‏​١،‏ ٢٤‏.‏

٢٠ فَصَمُوئِيلُ لَمْ يَبْحَثْ عَنْ أَخْطَاءٍ فِي ٱلرَّجُلِ ٱلَّذِي ٱخْتَارَهُ يَهْوَهُ،‏ بَلْ رَكَّزَ عَلَى مَا فِيهِ مِنْ صَلَاحٍ.‏ وَهُوَ شَخْصِيًّا رَكَّزَ عَلَى سِجِلِّ ٱسْتِقَامَتِهِ أَمَامَ ٱللهِ لَا عَلَى نَيْلِ ٱسْتِحْسَانِ شَعْبٍ مُتَقَلِّبِ ٱلرَّأْيِ.‏ (‏١ صم ١٢:‏​١-‏٤‏)‏ كَمَا تَوَلَّى تَعْيِينَهُ بِأَمَانَةٍ،‏ مُسْدِيًا ٱلْمَشُورَةَ إِلَى شَعْبِ ٱللهِ حَوْلَ ٱلْمَخَاطِرِ ٱلرُّوحِيَّةِ ٱلَّتِي كَانُوا يُوَاجِهُونَهَا،‏ وَمُشَجِّعًا إِيَّاهُمْ عَلَى ٱلْبَقَاءِ أُمَنَاءَ.‏ وَقَدْ مَسَّتْ مَشُورَتُهُ قُلُوبَهُمْ فَتَوَسَّلُوا إِلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ مِنْ أَجْلِهِمْ.‏ فَرَدَّ عَلَيْهِمْ بِهٰذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ ٱلرَّائِعَةِ:‏ «حَاشَا لِي أَنْ أُخْطِئَ إِلَى يَهْوَهَ بِأَنْ أَكُفَّ عَنِ ٱلصَّلَاةِ مِنْ أَجْلِكُمْ،‏ بَلْ أُعَلِّمُكُمُ ٱلطَّرِيقَ ٱلصَّالِحَ وَٱلصَّائِبَ».‏ —‏ ١ صم ١٢:‏​٢١-‏٢٤‏.‏

يُذَكِّرُنَا مِثَالُ صَمُوئِيلَ أَلَّا نَدَعَ مَشَاعِرَ ٱلْحَسَدِ أَوِ ٱلْمَرَارَةِ تَتَأَصَّلُ فِي قُلُوبِنَا

٢١ كَيْفَ يُسَاعِدُكَ مِثَالُ صَمُوئِيلَ إِذَا شَعَرْتَ يَوْمًا بِٱلْخَيْبَةِ لِأَنَّ أَحَدًا غَيْرَكَ حَظِيَ بِٱمْتِيَازٍ أَوْ مَسْؤُولِيَّةٍ؟‏

٢١ هَلْ شَعَرْتَ يَوْمًا بِٱلْخَيْبَةِ لِأَنَّ أَحَدًا غَيْرَكَ حَظِيَ بِٱمْتِيَازٍ أَوْ مَسْؤُولِيَّةٍ؟‏ كَمْ هُوَ مُفِيدٌ أَنْ تَتَذَكَّرَ مِثَالَ صَمُوئِيلَ فَلَا تَدَعَ مَشَاعِرَ ٱلْحَسَدِ أَوِ ٱلْأَسَى تَتَأَصَّلُ فِي قَلْبِكَ!‏ ‏(‏اقرإ الامثال ١٤:‏٣٠‏.‏‏)‏ أَبْقِ فِي بَالِكَ أَنَّ لَدَى يَهْوَهَ ٱلْكَثِيرَ مِنَ ٱلْمَسْؤُولِيَّاتِ ٱلْمُفْرِحَةِ وَٱلْمَانِحَةِ لِلِٱكْتِفَاءِ لِكُلٍّ مِنْ خُدَّامِهِ ٱلْأُمَنَاءِ.‏

‏«إِلَى مَتَى تَنُوحُ عَلَى شَاوُلَ؟‏»‏

٢٢ لِمَ أَصَابَ صَمُوئِيلُ حِينَ رَأَى ٱلصَّلَاحَ فِي شَاوُلَ؟‏

٢٢ أَصَابَ صَمُوئِيلُ حِينَ رَأَى ٱلصَّلَاحَ فِي شَاوُلَ ٱلَّذِي كَانَ رَجُلًا مُمَيَّزًا.‏ فَفَضْلًا عَنْ وَسَامَتِهِ وَطُولِ قَامَتَهِ وَشَجَاعَتِهِ وَحَذَاقَتِهِ،‏ كَانَ أَيْضًا فِي ٱلْبِدَايَةِ مُحْتَشِمًا وَمُتَحَفِّظًا فِي تَقْدِيرِ نَفْسِهِ.‏ (‏١ صم ١٠:‏​٢٢،‏ ٢٣،‏ ٢٧‏)‏ كَمَا ٱمْتَلَكَ هِبَةً ثَمِينَةً هِيَ ٱلْإِرَادَةُ ٱلْحُرَّةُ،‏ أَيِ ٱلْقُدْرَةُ عَلَى ٱخْتِيَارِ مَسْلَكِ حَيَاتِهِ وَٱتِّخَاذِ قَرَارَاتِهِ ٱلْخَاصَّةِ.‏ (‏تث ٣٠:‏١٩‏)‏ فَهَلْ أَحْسَنَ ٱسْتِخْدَامَ هٰذِهِ ٱلْهِبَةِ؟‏

٢٣ أَيُّ صِفَةٍ ثَمِينَةٍ خَسِرَهَا شَاوُلُ أَوَّلًا،‏ وَكَيْفَ ٱنْكَشَفَتْ كِبْرِيَاؤُهُ ٱلْمُتَزَايِدَةُ؟‏

٢٣ حِينَ يَذُوقُ ٱلْإِنْسَانُ طَعْمَ ٱلسُّلْطَةِ وَٱلنُّفُوذِ،‏ مِنَ ٱلْمُؤْسِفِ أَنَّ أُولَى ٱلصِّفَاتِ ٱلَّتِي يَخْسَرُهَا عَادَةً هِيَ ٱلِٱحْتِشَامُ.‏ وَهٰذَا مَا حَدَثَ مَعَ شَاوُلَ.‏ فَسُرْعَانَ مَا وَجَدَتِ ٱلْكِبْرِيَاءُ سَبِيلًا إِلَى قَلْبِهِ،‏ وَٱخْتَارَ أَنْ يَعْصِيَ أَوَامِرَ يَهْوَهَ ٱلَّتِي نَقَلَهَا إِلَيْهِ صَمُوئِيلُ.‏ فَذَاتَ مَرَّةٍ،‏ فَقَدَ صَبْرَهُ وَقَرَّبَ ذَبِيحَةً كَانَ يَنْوِي صَمُوئِيلُ تَقْرِيبَهَا.‏ لِذَا،‏ وَبَّخَهُ ٱلنَّبِيُّ تَوْبِيخًا صَارِمًا وَأَنْبَأَ أَنَّ ٱلْمُلْكَ لَنْ يَبْقَى ضِمْنَ عَائِلَتِهِ.‏ وَلٰكِنْ عِوَضَ أَنْ يَتَّعِظَ شَاوُلُ بِٱلتَّأْدِيبِ،‏ تَمَادَى فِي ٱرْتِكَابِ أَعْمَالِ ٱلْعِصْيَانِ.‏ —‏ ١ صم ١٣:‏​٨،‏ ٩،‏ ١٣،‏ ١٤‏.‏

٢٤ ‏(‏أ)‏ كَيْفَ عَصَى شَاوُلُ أَوَامِرَ يَهْوَهَ فِي حَرْبِهِ ضِدَّ عَمَالِيقَ؟‏ (‏ب)‏ مَاذَا كَانَ رَدُّ فِعْلِ شَاوُلَ حِيَالَ ٱلتَّقْوِيمِ،‏ وَمَاذَا كَانَ قَرَارُ يَهْوَهَ؟‏

٢٤ فَفِي إِحْدَى ٱلْمُنَاسَبَاتِ،‏ أَمَرَهُ يَهْوَهُ بِفَمِ صَمُوئِيلَ أَنْ يَشُنَّ حَرْبًا عَلَى عَمَالِيقَ.‏ وَتَضَمَّنَتْ إِرْشَادَاتُهُ قَتْلَ ٱلْمَلِكِ ٱلشِّرِّيرِ أَجَاجَ.‏ غَيْرَ أَنَّ شَاوُلَ ٱسْتَحْيَاهُ وَعَفَا عَنْ خِيَارِ ٱلْغَنِيمَةِ ٱلَّتِي وَجَبَ أَنْ تُحَرَّمَ لِلْهَلَاكِ.‏ وَعِنْدَمَا جَاءَ صَمُوئِيلُ لِيُقَوِّمَهُ،‏ تَبَيَّنَ كَمْ تَغَيَّرَ قَلْبُهُ.‏ فَعِوَضَ أَنْ يَقْبَلَ ٱلتَّقْوِيمَ بِٱحْتِشَامٍ،‏ ٱلْتَمَسَ ٱلْأَعْذَارَ لِنَفْسِهِ وَبَرَّرَ تَصَرُّفَهُ وَتَنَصَّلَ مِنَ ٱلْمَسْؤُولِيَّةِ،‏ مُحَاوِلًا إِلْقَاءَ ٱللَّوْمِ عَلَى ٱلشَّعْبِ.‏ وَحِينَ حَاوَلَ ٱلْإِفْلَاتَ مِنَ ٱلتَّأْدِيبِ بِٱدِّعَائِهِ أَنَّ جُزْءًا مِنَ ٱلْغَنِيمَةِ كَانَ سَيُقَرَّبُ ذَبَائِحَ لِيَهْوَهَ،‏ تَلَفَّظَ صَمُوئِيلُ بِٱلْكَلِمَاتِ ٱلشَّهِيرَةِ ٱلتَّالِيَةِ:‏ «هَا إِنَّ ٱلطَّاعَةَ أَفْضَلُ مِنَ ٱلذَّبِيحَةِ».‏ ثُمَّ أَنَّبَهُ بِشَجَاعَةٍ وَأَوْضَحَ لَهُ أَنَّ يَهْوَهَ سَيُمَزِّقُ مُلْكَهُ وَيُعْطِيهِ لِرَجُلٍ أَفْضَلَ مِنْهُ.‏ * —‏ ١ صم ١٥:‏​١-‏٣٣‏.‏

٢٥،‏ ٢٦ ‏(‏أ)‏ لِمَ نَاحَ صَمُوئِيلُ عَلَى شَاوُلَ،‏ وَكَيْفَ قَوَّمَ يَهْوَهُ نَبِيَّهُ بِرِقَّةٍ؟‏ (‏ب)‏ أَيُّ دَرْسٍ تَعَلَّمَهُ صَمُوئِيلُ حِينَ ذَهَبَ إِلَى بَيْتِ يَسَّى؟‏

٢٥ تَأَلَّمَ صَمُوئِيلُ كَثِيرًا مِنْ أَخْطَاءِ شَاوُلَ،‏ وَأَمْضَى ٱللَّيْلَ بِطُولِهِ يَصْرُخُ إِلَى يَهْوَهَ بِشَأْنِ هٰذِهِ ٱلْمَسْأَلَةِ.‏ وَوَصَلَ بِهِ ٱلْأَمْرُ إِلَى ٱلنَّوْحِ عَلَى هٰذَا ٱلْمَلِكِ.‏ فَكُلُّ ٱلْآمَالِ ٱلَّتِي عَلَّقَهَا عَلَيْهِ وَٱلصَّلَاحُ ٱلَّذِي تَوَسَّمَهُ فِيهِ تَلَاشَى ٱلْآنَ.‏ فَٱلرَّجُلُ ٱلَّذِي كَانَ يَعْرِفُهُ تَغَيَّرَ جِدًّا؛‏ لَقَدْ خَسِرَ أَفْضَلَ صِفَاتِهِ وَتَمَرَّدَ عَلَى يَهْوَهَ.‏ لِذٰلِكَ أَبَى أَنْ يَرَاهُ إِلَى يَوْمِ مَوْتِهِ.‏ وَفِي وَقْتٍ لَاحِقٍ،‏ قَوَّمَ يَهْوَهُ صَمُوئِيلَ بِرِقَّةٍ قَائِلًا:‏ «إِلَى مَتَى تَنُوحُ عَلَى شَاوُلَ،‏ وَأَنَا قَدْ رَفَضْتُهُ مَلِكًا عَلَى إِسْرَائِيلَ؟‏ اِمْلَأْ قَرْنَكَ زَيْتًا وَٱذْهَبْ.‏ فَإِنِّي أُرْسِلُكَ إِلَى يَسَّى ٱلْبَيْتَلَحْمِيِّ،‏ لِأَنِّي وَجَدْتُ لِي مِنْ بَنِيهِ مَلِكًا».‏ —‏ ١ صم ١٥:‏​٣٤،‏ ٣٥؛‏ ١٦:‏١‏.‏

٢٦ إِنَّ قَصْدَ ٱللهِ لَا يَعْتَمِدُ عَلَى بَشَرٍ نَاقِصِينَ يَتَأَرْجَحُونَ فِي وَلَائِهِمْ.‏ فَمَتَى تَخَلَّى أَحَدُهُمْ عَنْ أَمَانَتِهِ،‏ وَجَدَ يَهْوَهُ آخَرَ يُنَفِّذُ مَشِيئَتَهُ.‏ وَهٰكَذَا،‏ كَفَّ صَمُوئِيلُ ٱلْمُسِنُّ عَنِ ٱلْحُزْنِ عَلَى شَاوُلَ.‏ وَبِتَوْجِيهٍ مِنْ يَهْوَهَ،‏ ذَهَبَ إِلَى مَنْزِلِ يَسَّى فِي بَيْتَ لَحْمَ،‏ حَيْثُ ٱلْتَقَى عَدَدًا مِنْ أَبْنَائِهِ ٱلْجَمِيلِي ٱلْهَيْئَةِ.‏ لٰكِنَّ يَهْوَهَ ذَكَّرَهُ مِنَ ٱلْبِدَايَةِ أَنْ يَتَطَلَّعَ إِلَى مَا وَرَاءَ ٱلْمَظْهَرِ ٱلْخَارِجِيِّ.‏ ‏(‏اقرأ ١ صموئيل ١٦:‏٧‏.‏‏)‏ وَأَخِيرًا،‏ قَابَلَ مَنْ وَقَعَ عَلَيْهِ ٱلِٱخْتِيَارُ:‏ اَلِٱبْنَ ٱلْأَصْغَرَ دَاوُدَ.‏

لَمَسَ صَمُوئِيلُ لَمْسَ ٱلْيَدِ أَنْ مَا مِنْ خَيْبَةِ أَمَلٍ إِلَّا وَيُبَلْسِمُ يَهْوَهُ ٱلْجِرَاحَ ٱلَّتِي تُخَلِّفُهَا،‏ حَتَّى إِنَّهُ قَدْ يُحَوِّلُ أَيَّ ظَرْفٍ عَصِيبٍ إِلَى بَرَكَةٍ

٢٧ ‏(‏أ)‏ كَيْفَ ٱزْدَادَ إِيمَانُ صَمُوئِيلَ قُوَّةً؟‏ (‏ب)‏ مَا رَأْيُكَ فِي ٱلْمِثَالِ ٱلَّذِي رَسَمَهُ صَمُوئِيلُ؟‏

٢٧ بَانَ جَلِيًّا لِصَمُوئِيلَ فِي آخِرِ سِنِي حَيَاتِهِ كَمْ كَانَ قَرَارُ يَهْوَهَ صَائِبًا أَنْ يَحِلَّ دَاوُدُ مَحَلَّ شَاوُلَ.‏ فَهٰذَا ٱلْمَلِكُ ٱسْتَسْلَمَ لِغَيْرَةٍ مُرَّةٍ حَرَّضَتْهُ عَلَى ٱلْقَتْلِ وَٱرْتَدَّ عَنِ ٱلْعِبَادَةِ ٱلْحَقَّةِ.‏ أَمَّا دَاوُدُ فَأَعْرَبَ عَنْ صِفَاتٍ رَائِعَةٍ مِثْلِ ٱلشَّجَاعَةِ،‏ ٱلِٱسْتِقَامَةِ،‏ ٱلْإِيمَانِ،‏ وَٱلْوَلَاءِ.‏ وَفِيمَا أَشْرَفَتْ حَيَاةُ صَمُوئِيلَ عَلَى نِهَايَتِهَا،‏ قَوِيَ إِيمَانُهُ أَكْثَرَ.‏ فَقَدْ لَمَسَ لَمْسَ ٱلْيَدِ أَنْ مَا مِنْ مُشْكِلَةٍ إِلَّا وَيَحُلُّهَا يَهْوَهُ وَمَا مِنْ خَيْبَةِ أَمَلٍ إِلَّا وَيُبَلْسِمُ ٱلْجِرَاحَ ٱلَّتِي تُخَلِّفُهَا،‏ حَتَّى إِنَّهُ قَدْ يُحَوِّلُ أَيَّ ظَرْفٍ عَصِيبٍ إِلَى بَرَكَةٍ.‏ وَفِي نِهَايَةِ ٱلْمَطَافِ،‏ مَاتَ صَمُوئِيلُ تَارِكًا وَرَاءَهُ سِجِلًا رَائِعًا لِحَيَاةٍ دَامَتْ نَحْوَ قَرْنٍ.‏ فَلَا عَجَبَ أَنْ نَاحَ كُلُّ إِسْرَائِيلَ عَلَى هٰذَا ٱلرَّجُلِ ٱلْأَمِينِ!‏ وَٱلْيَوْمَ،‏ حَرِيٌّ بِكُلٍّ مِنْ خُدَّامِ يَهْوَهَ أَنْ يَسْأَلَ نَفْسَهُ:‏ ‹هَلْ أَقْتَدِي بِإِيمَانِ صَمُوئِيلَ؟‏›.‏

^ ‎الفقرة 24‏ قُتِلَ أَجَاجُ عَلَى يَدِ صَمُوئِيلَ نَفْسِهِ.‏ فَلَا هٰذَا ٱلْمَلِكُ ٱلشِّرِّيرُ وَلَا عَائِلَتُهُ كَانُوا يَسْتَحِقُّونَ ٱلرَّحْمَةَ.‏ وَكَمَا يَتَّضِحُ،‏ إِنَّ «هَامَانَ ٱلْأَجَاجِيَّ» فِي سِفْرِ أَسْتِيرَ ٱلَّذِي حَاوَلَ أَنْ يَمْحُوَ شَعْبَ ٱللهِ عَنْ بَكْرَةِ أَبِيهِمْ كَانَ مُتَحَدِّرًا مِنْ أَجَاجَ.‏ —‏ اس ٨:‏٣‏؛‏ اُنْظُرِ ٱلْفَصْلَيْنِ ١٥ وَ ١٦ فِي هٰذَا ٱلْكِتَابِ.‏